الفجر الجديد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صباحٌ مُضرّج بالبنِّ .. مساءٌ مُضرّج بالحزنِ !

اذهب الى الأسفل

صباحٌ مُضرّج بالبنِّ .. مساءٌ مُضرّج بالحزنِ ! Empty صباحٌ مُضرّج بالبنِّ .. مساءٌ مُضرّج بالحزنِ !

مُساهمة  moon1 الإثنين مايو 04, 2009 3:11 pm

.هوَ لوِجهةٍ ، وهيَ لأخرى . هكذا فاجأني المساءُ هذا المساء .
من سوء حظّي ، أنّني أقوم بدورِ المودّعِ كثيراً ، ومن سوء حظيَّ أنّني لا أجيد التصرّف آنَ اللحظة هذه ، اكتفي بالتوديع المعتاد ، التمتمةِ الحمقاء ، والتوسّلَ إلى الله ، بالعودة السالمة الغانمة ، وينتهي الأمر ، لأكفكفني فيما بعد دموعاً روحيّةً طويلة ، قد لا تكون بائنةً للراحلينَ ، ولا للحاضرينَ ، لكنّها بائنة لي ، جدّ بائنة.
كانت مصادفةً ، أن يرحلا سويّة ، وبغير ميعادٍ ولا رويّة ، سويّة بالزمانِ ، لا بالمكان ، هو اختار غرباً ، واختارت الشرقَ هيَ ، وبقيتُ في الوسطِ ، لا جنوبَ لي ولا شمال ، تائهاً ، أبحث عن نقطة ارتكازٍ ، ولا أجد.
كانت مصادفةً ، أن أبيت الليلة غريبا ، بدون روشتةِ اهتمامات منها ، ولا أذيّات كلامية ، وسخفٍ تفكيّريّ منه ، وكانت مصادفةً أن أسير اليوم وحيدا ، بدون تعليقاته الفاجرة ، ولا تنبيهاتها الأنيقة ، بخصوص اللباسِ ، والعطر ، وجاكيت البرد الذي سيكون وفيراً هذه الليلة فوق المعتاد.
لا دور لي في المدينةِ هذا المساء ، سأكتفي بالصمتِ ، والإصغاء لدموعي تهطل بداخلي ، نقطة نقطة ، في دويّ مدوٍّ ، قد لا يسمعه الثقلان ، ولا غيرهم ، أنا وحدي أنا .
كان يمكن أن أكون أنا من يرحل ، وكان يمكن أن لا أودّعهم ، وكان يمكن أن لا يحدث هذا أبداً ، لولا خلل ما في أجندة الحياةِ المحيطة بي ، وكان يمكن أن يؤجل رحلته قليلا ، حتى تعودَ ، وأن يبقى ليومين ، لولا مطالبات القضايا السوابق عليهِ ، وكان يمكن أن لا أكتب هذا أبدا ، لولا الفراغ ، والوحدة ، والليل ، والبيداء ، والشوارع التي لا تعرفني.
كانَ يمكن أن لا تعرف رقم حسابيَ المصرفي ، ولا مبلغ إيداعاتهِ ، ولا ما الذي فيهِ ، ولا أن تعزم الرهطَ المفسدين في المدينةِ على ما تبقى منه ، ولا أن ترشدني بحبّ مزيّف لأطهر بنوكِ المدينة المرصّعة بالربا ، وكان يمكن أن أقول لك: أنت لصّ ومريب ، وكان يمكن بالنسبةِ لها ، أن نمضي سويّة للريفيرا كي نقتسم الغلّة هنالك تماما ، وكان يمكن أن لا يكون هذا ، وكان يمكن أن يكون.
ستكون نشرة الجزيرة الليلة ، معتادة فوق اللازم ، بكون تحليلاته السياسيّة الحمقاء ، لن تكون حاضرة ، ولن يكون قادراً على لمز المراسلين ، ولن يتغيّر لون وجههِ آن مشهدٍ مخزٍ ، ولن يطرب لمجيءِ "عطوان" ، سيتكفي بالتحديقِ في السهومِ ، وانتظار الوقتِ ، كيما يصل لوجهته التي إليها رحل.
بخصوصها ، أدرّبني ، كي أتأقلمَ على عدمِ سماعِ موسيقاها 10 دقائق ، نصف ساعة ، ساعة ، ولا أكثر ، وتقول: "هنيّة يبدو واثقا الليلة" ، وتصرخ: أنت وغد ، أنت قط ، أنت كذاااب ، أنتَ ، وكلام كثير ، ينهيه تداخل الآخرين ، ونفاد الليالي ، والأحاديث المؤجلة.
يا أعدقائي ، أينَ أنتم الآنَ ، أتمنّى أن تكونوا وصلتم ، هذه اللحظة ترفعُ لكم المدن البعيدة ، راياتها البيضاء تماما ، وهذه اللحظة ، انكفئ إلى حزني أكفكفه ، أقولٌ للأعزلِ ، كم قرأ منكَ البارحة ، ولدرويش ، هل أنهتكَ تماما ، تلك التي تترك الحصان وحيدا ، ودائما ، بدون استفهامٍ ولا تعجّب !
كنّا البارحة ثلاثة ً دونما رابع ، واليوم أبدو وحيداً ، لا كلبَ لي ولا يمامة ، أخفض جناح القلبِ إلى الحزنِ ، وأقول للتي رحلت: لا بد من أحدٍ كي يقاسمني انكساراتيَ المدجّجة الليلة ، ولو صوتاً ، وأقول له: إن لم تصل ، فأخبرني ، سأضطر لاستقبالك أخرى ، ولكن هذه المرّة كضيف غريب ، هل عليّ كلما تشرّدَ آخرون أن أفتح لهم ملجأً للواذِ يا أحمق !
أتساءل: كيف مسّنا الحزن بالأمسِ ، واليوم كأنّا ما كنّا مثلَ ما كنّا ، وهل علينا كي يدركوا حجم الحزنِ الذي ألمّ ، أن نعود أطفالا ، ونبكي: رجاءً عودوا ، لتكملوا لنا حكايات المساءات التي لم تبتدئ أصلا !
هاتوا وقتاً الليلة ، لأكمل نومي المتقطّع ، لأذهب للبنكِ ، لأقرأ كتابا ، وأشرب قهوة ، وأدوس صحيفةً ، لأستأجر سيّارةً ، وللعراكِ مع مثقفٍ حكوميّ ، لأغسل الأواني المتبقية من سهرة الأمسِ ، وأرسل الثياب للمصبغة ، وأقول للحارس عدّل سلكَ التلفازِ من فوقِ السطحِ ، وأذهبُ "لأوروستا" كي أكمل عزلتي وحيداً وحيدا ، وأقول لوليد: يا وليد ، آتنا عشاءنا ، لقد لقينا من حزننا هذا نصبا !

moon1
Admin

المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 03/05/2009

https://fjer.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى